
في كل مرة تفتح فيها هاتفك أو تشاهد الأخبار، تجد نفسك أمام عناوين مخيفة:"فيروس قاتل يجتاح العالم!"حرب وشيكة ستغير مصير البشرية!"انهيار اقتصادي يهدد الملايين!"هل تساءلت يومًا: لماذا تبدو الأخبار وكأنها فيلم رعب بلا نهاية؟ ولماذا نشعر أننا على حافة كارثة جديدة كل يوم؟
الحقيقة أن الخوف ليس مجرد شعور طبيعي ناتج عن الأحداث، بل هو أحيانًا منتج إعلامي يُصنع بعناية، ليبقيك مستهلكًا دائمًا للأخبار. الصحافة تعرف جيدًا أن الإنسان بطبيعته ينجذب إلى الأخبار المثيرة، وأن القلق يجعلنا نبحث بلا توقف عن المزيد من المعلومات. وهنا، تبدأ اللعبة!
الأخبار لا تُقدم كما هي، بل تُعاد صياغتها لتبدو أكثر خطورة. الحدث العادي يُضخَّم، والتوقعات المتشائمة تُطرح وكأنها حقيقة مؤكدة. صورة طفل يبكي في موقع كارثة، مشاهد مستشفيات ممتلئة، وتصريحات مبهمة عن "خطر يلوح في الأفق"… كل ذلك يترك أثراً نفسياً عميقاً، يجعل القارئ يشعر أن العالم ينهار من حوله.
لكن لماذا يُباع الخوف بهذه الكثافة؟ الإجابة ببساطة: لأنه مربح! عندما يشعر الناس بالخطر، فإنهم يبقون ملتصقين بالشاشات، يستهلكون الأخبار بقلق، مما يزيد نسب المشاهدة، ويرفع أرباح الإعلانات. ليس هذا فحسب، بل إن المجتمعات الخائفة تكون أكثر طاعة، وأسهل في التوجيه والسيطرة. عندما يكون الناس في حالة هلع، فإنهم يقبلون أي حلول تُعرض عليهم دون نقاش، حتى لو كانت على حساب حقوقهم وحرياتهم.
السؤال المهم هنا: كيف نحمي عقولنا من هذا التلاعب؟ أول خطوة هي أن ندرك أن الإعلام ليس دائمًا ناقلًا محايدًا للواقع، بل هو أحيانًا صانع للواقع نفسه. علينا أن نقرأ الأخبار بوعي، ونبحث عن مصادر متعددة، ونتساءل دائمًا: هل هذا الحدث بهذا السوء فعلًا، أم أنه مجرد زاوية واحدة من القصة؟
العالم مليء بالأحداث، لكن ليس كل حدث يستحق أن يتحول إلى أزمة وجودية ، وبين الحقيقة والتهويل، علينا أن نقرر: هل سنكون مجرد متلقين سلبيين، أم سنكون واعين بما يحدث خلف كواليس الإعلام؟